Wednesday, December 2, 2009

البياتي غجريا .. رؤية نفسية

البياتي غجريا .. رؤية نفسية

شوقي يوسف بهنام - مدرس مساعد / جامعة الموصل - العراق

ان تعدد صور البطولة التي يتماهى معها شاعرنا البياتي يجعلنا ان ننظر إليه كشخص أراد ان يمسك الخيط والعصفور في يد واحدة كما يقول المثل الشعبي . وها هنا واحدة من صور البطولة التي يكرس لها شاعرنا قصيدتين ، وصور أخرى مبثوثة هنا وهناك ، ألا ان هذه الصورة تتجلى في هذين النصين اللذين سوف نقف عندهما ، واللذين سوف يسقط البياتي من خلالهما واحدة من حاجاته ... أو .. قل سمة من سماته . والصورة .. هنا .. هي صورة الغجري .. و الغجري رمز للاغتراب والضياع والبحث عن المعنى . وهو في نفس الوقت جوال يتعبه السؤال .. ينهكه الأمل .. لا يعرف الاستقرار أبدا !!! . لا أريد ، هنا ان أتناول انثروبيولويجا الغجر .. من حيث أصولهم العرقية أو منشأهم أو عاداتهم وما إلى غير ذلك . هذه كلها معروفة لدى الباحثين في علم عادات الشعوب ومعتقداتهم الثقافية . لا بأس من الوقوف عند التعريف الذي قدمه أستاذنا الدكتور شاكر مصطفى سليم عن هذه الأقليات في معجمه حيث يقول ( الغجرGypsy ؛ أقليات تعيش على التجوال ويقطن عدد كبير منها في ( أوربة ) ’يظن أن موطنهم الأصلي سهول الجنوب الغربي من حوض ( نهر السند ) في ( الهند ) . وقد هاجروا منه شمالا وغربا . ويقدر عدد ( الغجر) الآن بحوالي خمسة ملايين نسمة في العالم كله . وهم شديدو المحافظة على تقالديهم ، ولغتهم . ويكسب ( الغجر) عيشهم في مزاولة الرقص ، والغناء ، والسحر، وقراءة الفأل ، والأعمال البهلوانية ، والسرقة ، والدعارة . غير أن قسما منهم يمارس الحدادة والنجارة . لغتهم الأصلية ( الكالد ) ، وهي لغة قديمة ، أصلها هندي ويطلق عليها في (أوربة ) ( لغة الروماني ) . و( الغجر) داكنو لون البشرة ، قصار القامة ، وتقوم مجتمعاتهم على النسب الأمي . وتطلق على هذه الأقليات أسماء مختلفة في البلدان التي يعيشون فيها ، منها ، ( الغجر ) و ( الَنَوَر ) و ( الكاولية ) و ( الجبسي ) وغيرها كثير . وقد شاع إطلاق مصطلح ( جبسي ) عليهم في (أوربة ) لأن أول وجبة منهم وصلت إليها نزلت في منطقة ( ماسيدونيا ) في ( اليونان ) قادمة إليها من ( مصر ) فأطلق عليهم اسم ( جبسي ) ويعني في اللغة اليونانية ( المصريين ) (1) .

المهم ، عندنا ، هنا .. على الأقل ، هي صورة اللاستقرار التي اقترنت مع الغجر أو الغجري . أضف إلى ذلك غموض تصوراتهم وانغلاقهم على الذات . ولذلك فمن الصعب معرفة دواخل هكذا شعب . البياتي قدم لنا واحدا من أحلام هذا الشعب الجوال الذي يجوب كل بقاع الدنيا .. مثله مثل شعر المرأة الذي باغت فتى نزار قباني عندا كان جالسا أمام قارئته .. محاولة البياتي ، بهذا المعنى ، تعتبر إذن إختراق لحجب هذا المجهول .. أعني الغجر . لنرى من هم هؤلاء الغجر ومن هو الغجري ؟؟ .

يقول البياتي في هذه القصيدة :-

أدخل في عينيك – تخرجين من فمي –

على جبينك الناصع أستيقظ – في دمي تنامين

على سرير أمطار صحاري التتر الحمراء –

مجنونا أناديك بكل صرخات العالم

الوحشية السوداء واللغات ، كل وجع

العاشق في قاع جحيم المدن – العاشق

والولي والشهيد – في دمي تنامين – أنا

أدخل في عينيك – أهوي ميتا فوق سرير

النار – أستلقي على صدرك في الحلم –

تنامين على الأهداب – مجنونا أناديك

- على صدرك أستلقي – على صياح

ديك الفجر في مملكة الله وفي مملكة السحر

وفي أصقاعها أواصل الرحيل

( الديوان ، ج3 ، ص 186-187)

**********************

هذا هو المقطع الأول من القصيدة . ومنذ البداية ينقل ، لنا ، البياتي كل صور وانطباعات الموروث الشعبي ، مضافا إليه عالمية الصورة عن الغجري . ولكن مع ذلك فأن هذه الصورة سوف تختلط مع رموز اللاوعي الجمعي لدى الشاعر .. فالغجري ليس فقط مجنونا يجوب صحاري التتر الحمراء ، هنا لا أريد ان اعلق على رمزية اللون الأحمر ودلالاته عند الشاعر ، بل هو فوق ذلك ... العاشق و الولي والشهيد .. من المؤكد إننا ، لو فتشنا ، في قاموس الغجري ، لن نجد هناك صورة للشهيد أو الولي ، فهي إذن من إقحامات البياتي لصورة الغجري وقاموسه .ويمكننا ان نتساءل هل بالضرورة أن يكون الغجري .. أي غجري مجنونا ؟؟؟ . نعتقد إننا هنا إزاء موقف مجحف عن الغجري .. ليس من المعقول ان يكون كل الغجر مجانيين يجوبون الدنيا .. لكن هو إحساس يستبد بالشاعر أن هذا الغجري ، وإذا شئنا الدقة السايوكولوجية ، فالغجري ليس غير الشاعر .. انها سعادة ما بعدها سعادة ان يكون البياتي بهذه الصورة التي يمتلكها الغجري ... لدى البياتي ، هنا ، شعور بالإنشطار . لا نعتقد أن الغجري يعيش صراعا ، كهذا الذي يحمله البياتي للغجري .. اعني الصراع في الوجود ما بين مملكة الله ومملكة السحر . أن يعيش الغجري في مملكة السحر ، فهذا جائز وممكن ، لأن هذا هو المعروف عن ممارسات الغجر ومعتقداتهم . أما مملكة الله فليس لها من حضور في حسابات الغجري . نعتقد أيضا ان مثل هذا الصراع إنما هو إسقاط للاشعور البياتي . البياتي لا يدري إلى أين ينتمي .. هل إلى مملكة الله أم إلى مملكة السحر . هذه المفارقة .. غالبا ما نجدها عند الشاعر ، وسوف نقف عندها في محطات أخرى . المهم هو ان الشاعر مغرم بهذه الأميرة المجهولة .. وهو يقول صراحة ( أستلقي على صدرك في الحلم ) . إذن هو يحلم ولذلك فهو يقول في نهاية هذا المقطع ، أنه سوف يواصل ، أعني بين مملكة الله ومملكة السحر .. في أصقاعها ... الرحيل .. لنرى ماذا سوف يكتشف هذا الغجري ، أعني البياتي ، في الرحيل بين تلك الأصقاع . هذا ما سوف يخبرنا به المقطع الثاني من القصيدة . يقول البياتي :-

مهاجرا ً يموت ْ

حبي على أسوار هذا اللهب الكامن في عينيك ِ .

في صمتك ، في صوتك ، في جبينك

الممتقع المسحور

( المصدر السابق ، ص 188 )

*********************

إذن هو الحب المهاجر الميت .. الحب الذي لم ولن يبلغ مبتغاه . ولذلك فهو ميت . بتعبير علم النفس .. الحب الواهم .. الخادع لذاته . فقط هو حب متخيل . هذا الحب لم يجسر ان يتمادى إلى مملكة الأميرة .. وبالتحديد نحو جسدها الذي حلم ان يستلقي على أرائكه !! . فقط وصل إلى هذا اللهب المتصاعد من عينيها وصمتها وصوتها وأخيرا من جبينها الممتقع المسحور . الأميرة ، على ما يبدو هي الأخرى غجرية . كيف لغجري أن يعشق غير غجريا ؟؟ ولذلك نزلت تلك الأميرة من علياء عرشها وهامت بحب هذا الغجري الذي توقف عند أفياء قصرها المنيف . ومن المحتمل ، بناءا على إصرار وإلحاح وتعلق الغجري بهذه الأميرة ؛ فتحت أبواب شباكها ونظرت إليه بتحنن . والغجري لا يزال يصب شكواه وحرقة نفسه من آثار حبها . لنرى ما هي تلك الحرقة وما هي أحزان شكواه . يقول الشاعر :-

حبي ، أغنية ُ كتبتها ساحرة ُ فوق

معابد عشتار

في فجر الإنسان الأول ، قبل الألف الثالث من آذار

بعد الطوفان ، وقبل النفي إلى الصحراء

( المرجع السابق ، ص 189 )

أنه إعلان إذن عن ماهية الحب هذا الذي يكنه الغجري لهذه الأميرة . هذا الحب ليس آنيا ولا وليد لحظة وقوفه عند أفياء القصر. أنه حب قديم .. ذو أصول موغلة في الماضي البعيد . ومن حقنا ان نتساءل لماذا يلجأ هذا الغجري إلى الوقوف عند معابد عشتار على وجه التحديد ؟؟؟!! . هل يعقل ان لا يكون للغجري رموز في إرثه الحضاري غير هذه التي يعرفها البياتي ؟؟ . نعتقد ان البياتي لم يكن موفقا في هذه الصورة . كان ينبغي عليه ان يكون ملما ، وهو رجل كثير الأسفار ، بأساطير الغجر ورموزهم وأبطالهم . هنا نكوص عند البياتي نحو إرثه الحضاري هو . والغجري هنا هو البياتي نفسه . هنا تماهي مع شخصية الغجري كما ترسمها هذه التصورات لهذا الشعب . وفي المقطع التالي سوف نرى هذا الخلط في الأمكنة .. ربما يكون دلالة على السمة العامة للغجري . يقول البياتي :-

من صحراء التتر الحمراء

من باريس إلى صنعاء

كانت عربات الغجر السعداء

تمضي حاملة ً مولاتي

عطشي يقتلني ، جوعي ، فأضم غزالة

شمس الواحات

وأضم العالم في كلمات

( المصدر السابق ، ص 190- 191 )

******************

يمكننا ان نستنتج أن أميرة هذا الغجري ليست غير غجرية هي الأخرى . وقد تكون رمزا لامرأة وهمية .. مثل تلك التي ظهرت في بقايا فنجان القهوة ( 2) . فالأميرة تحملها عربات الغجر . ولكن إلى أين ؟ ليس للغجر وجهة محددة ... فلذلك فالأميرة هي الأخرى لا وجهة لها . البياتي يمشي وراء هذه العربات .. لعله يفوز وينعم بلفتة من لفتات الأميرة الوهاجة . ولكنه يمضي نحو العبث .. وبدل من الفوز بنظرة من الأميرة .. يعوض البياتي ذلك بضمه للغزالة وشمس الواحات وكل وجهات العالم وينام على صدرها في حلم . لقد تعب البياتي من جراء البحث عن هذه الأميرة وقاد هذا التعب البياتي إلى ان يقع فريسة الجنون . هنا البياتي يتماهى مع مجنون ليلى !! . ولكن لنرى في المقطع التالي ما سبب جنونه الحقيقي . يقول البياتي :-

مجنونا ، كنت أنادي باسمك كل الأسماء

كل المعبودات وكل زهور الغابات وكل الربات

كل نساء العالم في كتب التاريخ وفي كل اللوحات

كل حبيبات الشعراء

مجنونا ، كنت أنادي الله

( المرجع السابق ، ص 192 )

***************

هنا تجلت حقيقة مشاعر البياتي . أنه لا يمتلك امرأة واحدة بعينها ليبحث عنها . هنا صورة لجوع جنسي دون جواني واضح المعالم . يذكرنا هذا الجوع بجوع أدونيس أو جوع نزار مثلا ... ولكن هناك تحولا في صورة المرأة عند البياتي . انه استعارة من التراث الصوفي عندما ينظر إلى الذات الإلهية على شكل امرأة . إذن هنا تسامي للغريزة الجنسية عند البياتي . نتساءل هل ان حرمانه من الحصول على كل نساء العالم دفعة واحدة أدت إلى هذا التحول .. ؟؟؟؟ . ان المرأة أو قل الأميرة ، عند البياتي ، هنا ، إنما هي رمز لكل ما يعبر عن المرأة بما هي جنس عام إذا صح مثل هذا التعبير ، ولذلك فأن البياتي يعبر عن هذه الصورة ، بكل المعبودات وكل الربات وحبيبات الشعراء .. وتنتهي هذه العذابات بالبحث عن الله . هنا يربط البياتي بين تجوال الغجري في أرجاء هذا العالم وبحثه عن اللامعنى وبين بحثه هو ، وهو الذي ينادي باسم الفقراء عن هذا العالم ، عن الله . هل هذا يعني ان الله عند البياتي هو اللامعنى والعبث عند الغجري ؟؟؟؟ !!! . خصوصا عندما يتجول بين الصحراء التترية وباريس و صنعاء ... لنكمل رحلتنا مع عذابات البياتي وهو يرتدي قناع الغجري الجوال . وهذا ما سوف نراه في المقطع التالي . يقول البياتي :-

أعود من مملكة الله ومن مملكة السحر على

أجنحة النهار - مجنونا ً أناديك بكل صرخات

العالم الوحشية السوداء واللغات ، كل وجع

الأرض إلى الأمطار والشموس في ليل شتاء

مدن العالم ، مجنونا ، أناديك - وفي

بيروت َ – أو - بغداد َ – أو – باريس َ

عن عينيك – عن وجهك – في قصائد

الشعر وفي واجهــــة المخازن الخضراء –

في شواطئ البحار والغابات – عن عينيك

عن وجهك في اللوحات والرسوم –

مجنونا ً أناديك – على جبينك الناصع

أستيقظ في منتصف النهار – أستلقي

على صدرك – في أصقاع عينيك –

وفي سمائها أواصل الرحيل

( المرجع السابق ، 193-194 )

********************

هنا يقع البياتي في خلط المفاهيم والتصورات مرة أخرى . بين مملكة الله ومملكة السحر . لكن ما هو ملف للنظر في هذا المقطع ؛ ان العالم في نظر البياتي يبدو وحشيا ، وبكل ما تحمله هذه المفردة من معنى . ولذلك وصف صرخاته بالسوداء . ان في الأرض وجع لا ينتهي حتى يصل إلى الأمطار والشموس .. هل هذه الصورة عن العالم هي للغجري أم للبياتي .. . نعتقد ان هنا استثمار لمفهوم الغجري وهموم البياتي بوصفه أبو الفقراء حاملا راية الاحتجاج والرفض والامتعاض . يدور البياتي في رحى هذا الهم . هم البحث عن اللامعنى ، سميه الله ... سميه السحر .. سميه عينا الأميرة التي تحملها عربات الغجر وهم في طريقهم إلى اللاطريق !!!! . لأن الطريق .. يعني الهدف .. يعني الغاية .. يعني الوجهة .. وهذا يعني ان هناك أملا ً ومعنى و ترقب ... البياتي يحمل راية .. ترى من نصب البياتي ومن حمله الراية .. هذا ما نجده واضحا في المقطع السابع وهو الأخير . يقول البياتي :-

حبي أكبر مني

من هذا العالم

فالعشاق الفقراء

نصبوني ملكا ً للرؤيا

وإماما للغربة والمنفى

( المرجع السابق ، ص 195 )

********************

أنهم إذن العشاق الفقراء ، هم الذين نصبوا البياتي ملكا للرؤيا وإماما للغربة والمنفى . ان البياتي يخلط أيضا بين الملوكية والإمامة . صحيح ان المعنى واحد .. لكن مصدر المفردة مختلف . ليس من شأننا ، هنا ، الدخول في تفاصيل مصادر هاتين المفردتين . المهم ان البياتي يعتقد بأنه أبو الفقراء العشاق . وفي هذا امتياز ما بعده امتياز ... وهذا ما يفتخر به البياتي . يبقى هو هذا الملك ... الإمام . . . مجنونا باسمها ينادي الله مثلما كان الحلاج يقول وهو يتجول في أسواق بغداد ، ان الله قد دلل هذا العبد ويتجلى هذا الدلال بأن لا يأخذه و لا يتركه .. وهذا دلال لا يطيقه الحلاج .. فالبياتي هو الآخر يشعر بهذا الدلال الحلاجي . يختم البياتي هذا النص .. فيقول :-

باسمك ، مجنونا ، كنت أنادي الله

( المرجع السابق ، ص 196 )

*******************

في النص التالي ، سوف يؤلف هذا الغجري سيمفونية . وسوف يعنون البياتي هذا النص ب ( السيمفونية الغجرية ) . والبياتي ، في هذه السيمفونية ، يشعر بأنه قد خذل وأصيب بالخيبة . ويستبدل البياتي شخصية الأميرة ، بشخصية العذراء . نعتقد ان هناك تقاربا في المعنى بين الشخصيتين . وإذ كان الغجري يتابع ، في النص السابق ، الأميرة وهي محمولة على عربات الغجر ، فأن هذا الغجري ، هنا ، سوف نراه يرشق هذه العذراء بالوردة . وفي تقديرنا ، ان هذا الرشق إنما هو إشارة إلى الوداع . الوداع المشحون بالحزن والأسى والأسف . وقبل ان نصادر النص . لنصغ إلى النص ومن ثم نقوم بفعل القراءة . في المقطع الأول ، والنص مكون من مقطعين ، يسرد البياتي ، لنا ، أحزان هذا الغجري الذي تلفه أذيال الفشل . يقول البياتي :-

كان المغني الغجري يرشق العذراءَ بالوردة ،

والعذراء مثل ريشة تدور حول نفسها ،

تحاول اللحاق بالليل الذي كان على مشارف " الحمراء "

مقتولا تغطي صدره الخناجر – الزنابق – النجوم .

( المرجع السابق ، ص 345 )

**********************

لقد ‘قتلَ الغجري إذن . والذي قتله هو هذا اللحاق الملحاح للعذراء الأميرة . من المؤكد ان لهذه الأميرة حراس يمضون أينما تمضي . لا يجوز لأحد ان يرى حتى لون فستانها .. فكيف بالغجري ان يجرأ على رؤية عيناها . هذا هو المستحيل بعينه . والبياتي لا يركز على الأميرة كثيرا . انها محطة .. لا غير من محطات هذا الغجري .. تركيزه الأكبر هو على الغجري ... أو بتعبير أدق على نفسه . لنلاحظ كيف يصور لنا البياتي مقتل الغجري على وجه التحديد .. العذراء ليست غير وهم في ذهن هذا الغجري . البياتي يصورها لنا على هيئة ريشة تدور حول نفسها . أليست هذه صورة لنرجسية مفرطة للأميرة . والمهم هو انها هاربة في كل حين .. ولذلك فهي تحاول أن تلحق بالليل . هنا إشارة إلى فعل السراب في هذا اللحاق . لا نريد الإشارة على مفردة الحمراء التي بين معقوفتين . انها الساحة الحمراء في موسكو على ما نعتقد . موسكو حلم لا يغادره البياتي (3 ) ما يشغلنا هو هموم الغجري .. هنا . آخر ما فعله الغجري قبل أن يموت بسيوف حراس الأميرة .. هو أنه رشق العذراء بالوردة .. ان الحناجر والزنابق والنجوم كلها تساقطت على صدر هذا الغجري المسكين تصرخ طالبة الثأر لدم هذا الشهيد .. ألم يكون وليا على العشاق الفقراء . انها صورة جميلة يحلم البياتي ان يموت على شاكلتها . هل انتهت هذه المأساة . كان من المفروض ان تكون كذلك . كان ينبغي ان تكون هذه النهاية في نهاية النص لا في أوله . هذا أمر متروك للمهتمين في بناء النصوص . لنرى ماذا حل بهذا الجسد المطعون والملقى هناك .. يقول البياتي :-

كان الغجري شاحبا يطرد في غنائه الأشباح

كانت يده ترسم في الهواء شارة الغريق – العاشق – المخدوع ِ

والعذراء مثل ريشة تطير خلف يده الواجفة ، الضارعة .

" الحمراء " كان غارقا كعهده بالصمت ِ .

( المرجع السابق ، ص 345-346 )

*****************

هل يعقل هذا ؟؟ ان في هذه الصورة إنكار لموت الغجري . البياتي لا يريد ان يموت هو أو القناع الذي يتخفى ورائه . لا زالت الأنفاس تنبثق من أعماق الجسد . انها إرادة الحياة . لا زال يغني ويطرد في غنائه الأشباح . الأيمان بالماورائيات هو من صلب عقائد الغجري . أليسوا من ممتهنين السحر؟؟ إذن فكيف بغنائه يطرح الأشباح . هنا نلمس فكرة الغجري الثائر . لقد درس احد النقاد الثورة وعلاقتها بالتصوف عند البياتي ولكنه لم يشر إلى صورة الغجري عند البياتي(4 ). الغجري هنا ثائر على غجريته بهذا المعنى . هو يغني لكي يحضر الأشباح لا لكي يطردها . يبدو ان العذراء لم تغادر هذا الجسد المطعون بعد . لازالت تحوم حوله . هناك كانت مثل ريشة تدور حول نفسها .. وهي هنا تطير خلف يده . هذا الطيران دلاله على المساندة والتعاطف والتضامن ... بل هو أكثر من ذلك .. هو الحب و لاشيء غير ذلك . كانت يد الغجري ترسم شارة الغريق – العاشق – المخدوع . هذا الرسم هو دلالة على التعلق الكبير بالأميرة العذراء . لكن البياتي يذكر ان هذا العاشق الغريق ليس غير شخص مخدوع . فلماذا يموت وهو مخدوع . غرق في الصمت وكانت هذه هي حاله . لا ادري ما المناسبة التي جعلت من البياتي ان يكرر مفردة " الحمراء " في القصيدة . هل هذه الأميرة هي من ساحة الحمراء من موسكو . ؟؟؟ . هذا سؤال سوف اتركه للبياتي . إلى هنا والغجري .. وبتعبير أدق جسده المطعون لائذ بالصمت . هذا منطقي . أن الصمت هنا لا يعني غير الموت . . الجسد المطعون ميت ، ولذلك فهو غارق في الصمت .. يذكر البياتي ان الغجري كعهده كان صامتا .. كان صامتا وهو يجول ويجوب مع عربات الغجري والتي تحمل كرسي الأميرة . كان فقط يرسل النظرات إلى من تجلس على ذلك الكرسي . وظل صامتا حتى وصوله إلى " الحمراء " وهو الآن مثخن بالجراح . لكن هذا الغجري ملَِِّ من هذا الصمت حتى وهو ميت . والذي يريد ان يقوله البياتي هو ان خطاب الغجري حي رغم موت الجسد . الخطاب هو المهم وليس حامل الخطاب . لنرى كيف عالج البياتي ملل الغجري من الصمت . يقول البياتي :-

صاح الغجري : استيقظي أيتها الأعمدة – الهياكل – الأقواس

يا مكعبات النور في قصيدة المستقبل – النبوءة – الرحيل

صاح : استيقظي أيتها الأسطورة – القبيلة –

( المرجع السابق ، ص 346 )

*********************

انها صرخة من يريد تغيير الأشياء . صرخة بوجه الجمود والركود . ومع ذلك فهي استغاثة ، خصوصا .. ان الغجري يستنجد بالقبيلة . ألا تشبه هذه الاستغاثة التي يطلقها هذا الغجري باستغاثة الحلاج بأهل الإسلام في بغداد ؟؟ . الغجري يستغيث في " الحمراء " على وجه التحديد . لنرى من استجاب لهذه الاستغاثة الغجرية . يقول البياتي :-

العذراء‘ مدت يدها ليده وعانقتها

رقصا معا ً وأصبحا لسان لهب

فأشتعلت في َشعْر ِها الوردة .

( المرجع السابق ، ص 346 )

********************

ما من احد .. لا من الغجر .. ولا من غيرهم .. استجاب لاستغاثة هذا الغجري المطعون .. غير العذراء الأميرة . هنا .. تم الحلم ... تحققت الرغبة ... جاء الأمل . هنا صورة جنسية في لقاء الغجري مع العذراء . لقد عانى الغجري كثيرا لكي يكون هذا اللقاء .. وها هو قد تحقق . الأميرة ... العذراء في أحضان الغجري يا لها من سعادة كبيرة وفرح غامر ذلك الذي اجتاح كلاهما . أنه نهاية انتظار طويل وصبر مضن . كم ... جاب الغجري بلدان ومدن وقرى وصحارى وجبال ... وبحور أيضا .. كم لاقى في تجواله ذاك من رفض وهوان وذل .. وها هو الآن بين ذراعي الأميرة ... يستنشق عطرها .. ذلك العطر الذي تأتيه لها الجنيات من مملكة السحر . تجوب يده في تضاريس جسدها الذي تاق إلى هذه اللحظة . رقصا معا ... ذابا في سكرة الحب .. تاها في نشوة الشهوة .. غاصا في أعماق الرغبة .. تلك الصورة ليست من عندياتنا .. لنرى تفاصيل هذه الصورة كما يصورها لنا النص نفسه . يقول البياتي :-

صاح الغجري : احترقي أيتها الصغيرة الحسناء .

مال رأسها ، تلاقت العيون والشفاه

هذا زمن الموت على وسادة الربيع

مال رأسها ، فأحتضنته وهو يبكي

( نفس المصدر السابق ،ص 346 )

****************

لنرى مدى الحزن الذي اعترى البياتي وهو في أحضان الأميرة .. ونحن لا نرى سببا لذلك الحزن . أيكون هذا البكاء هو دموع الفرح .. كما يقال .. أنه لا يصدق نفسه وهو الآن في أحضانها . فأجهش بالبكاء . المهم انه الآن في بداية الطريق . اعني انه مع الأميرة . ماذا يريد بعد . ألم يجول كل ما جال من اجلها ؟؟؟ . انها تحترق بنيران حب الغجري الذي لا ينتهي . انها سوف تموت في هذا الحب . ولكن يبدو ان هذا الاحتراق سوف يتلاشى عندما نرى البياتي يعود إلى الغجري وهو مقتولا . يقول البياتي :-

يطرد الأشباح في غنائه الصاعد من قرارة

الأسطورة – القبيلة

الحمراء كان غارقا كعهده بالصمت والفجر

على أبوابه يرسم أشجارا وقبرات ليل راحل .

تلاقت العيون والشفاه

صاح الغجري خائفا : توقفي أيتها الريشة في

مدار هذه اللعبة – الفاجعة .

( المصدر السابق ، ص 346-347 )

*****************

لقد أدرك الغجري ان هذه التراجيديا ما هي غير لعبة ذات فجيعة .. ولهذا طلب من الريشة ، أي العذراء .... الأميرة .. ان تتوقف لئلا تكون هي ضحية لتلك المأساة . كل هذه المأساة و " الحمراء " غارق في الصمت . ولكن لماذا يقرن البياتي الصمت بالفجر .. الفجر له دلالة الميلاد والانبعاث والأمل . فلماذا يكون هذا الفجر صامتا .. ؟؟؟ . بالفعل الأميرة .. العذراء وقفت .. يقول البياتي :-

العذراء دارت دورتين

وقفت ،

تحاول اللحاق بالليل الذي كان على مشارف " الحمراء "

مقتولا تغطي صدره الخناجر – الزنابق – النجوم .

( المصدر السابق ، ص 347 )

*********************

لقد أعاد البياتي الصورة نفسها .. أعني الغجري ميتا .. فلماذا كل الأحداث المتخيلة عنه . لقد أراد البياتي أن يترك لنا انطباعا بأن الغجري لم يمت . وأن ذكراه باقية في ذاكرة محبيه .. سوف يواصل هذا الغجري سعيه وراء الأميرة . فقط في مخيلة البياتي . في المقطع الثاني سوف تتغير شخصية الأميرة وتظهر شخصية قارئة الكف . قارئة الكف .. هنا رمز من رموز الحيرة عند الغجري .. على مستوى رمزية رؤية العرافة في الحلم يخبرنا ( هانس كورت ) ان رؤيتها أو التحدث إليها : يدور الأمر ، عامة ، حول أمور تحدث بعد اجل قصير ، إذا لم يستطع الحالم تذكر التفاصيل المعلنة ، فستكون له حاجة كبيرة إلى نصيحة جيدة في شأن ما . (5) وماذا إذا كانت هذه القارئة هي الأخرى غجرية ، فأن رؤيتها في الأحلام ، كما يقول نفس الباحث أيضا يعني ما يلي :-

1- ضرورة الحذر ، من الناحية المادية ، حيال شخص يتعلم ، بفضله ، ان يعرف كثيرا من الأشياء الجميلة والجديدة والفريدة .

2- الصداقة معها : سيجد صديقا سوف يستطيع ان يخصه كامل الثقة في حالة ضعف أو خطر .

3- التي تقرأ للحالم مستقبله لقاء مال : يتعرض للخديعة من احدهم قريبا ً

4- التي تقرأ المستقبل بداعي الصداقة : يمكن ان يعتبر حلم رؤية ثانية ، يجب فحص المحتوى فحصا مضبوطا .

5- عقد صفقة معها : سيخدعه احدهم ماليا .

6- التي تحب الحالم بصدق : ينبغي لحب الحياة الحقيقي وفاء يصمد لكل امتحان ، سيكون الشريك وفيا مهما حدث .

7- إقامة حب عابر معها : حب حزين ومثقل بالنتائج وزواج تعيس .

8- سماع موسيقى غجرية : سيعيش الحالم شيئا رومنطيقيا . (6)

نعتقد ووفق ما سنقرأ ان البياتي كان قريبا من هذه التعابير الرمزية لقارئة الكف والغجرية معا .

لنقرأ كيف يصف لنا البياتي هذا الغارق في الحزن :-

توقفت هجرة ’ أحزان المغنى ،

وقع الطائر في الكمين ،

مرت عربات ’ الغجر ، الليلة ، في وحول هذا

الشارع المحاصر ، المسكون بالأشباح .

كان الغجري يمسح السكين بالمنديل ثم

يعبر الشارع محشورا مع الأشباح في المقهى

يغني خائفا لنفسه . قارئة الكف له قالت ْ

( المرجع السابق ، ص 348 )

**********************

إذن هذا هو حزن الغجري .. وبتعبير أدق هذا هو حزن البياتي ... تلك هي نهايته . انه محض انسحاب ونكوص وتقهقر وجر!! أذيال الفشل وما تعقبها من حسرات وآهات ودموع . يبقى الغجري وحيدا مع نفسه ... يلتف حولها .. يحاول الانكفاء عليها ، وفي نفس الوقت يمضي وراء ذلك الأمل المجهول والمرتقب معا . الغجري وهو الشخص الذي يحمل في إرثه قراءات الطالع واستشراف المستقبل .. ولكن مع ذلك فأن ذلك الإرث لم يجدي معه نفعا . فخاب أمله فيه . فمضى يتعثر في خطواته وأخيرا انحنى أمام قارئة الكف لكي تخبره عن الطالع الجميل ... المفقود ... الذي يبحث عنه .. أليست هذه مفارقة واضحة . الغجري يبحث عن قارئة له .. البياتي وهو الإنسان المغترب صاحب قضية .. يقع في نفس الفخ ؟؟؟؟؟؟؟ . لنرى ماذا قالت له هذه التي تعرف خفايا المستقبل :-

هناك مدن رائعة أخرى وراء النهر ، حيث الشمس

لا تغيب في الليل ، ولا’يخدع فيها العاشق - الغريق

في منتصف النهر ، ولا ترحل فيها الريشة – العذراء

( المرجع السابق ، ص 349 )

**********************

ذلك هو طالع الغجري إذن .. أعني طالع البياتي . أنه بلا شك جميل .. مشرق ... جذاب .. أخاذ .. يجعل من الإنسان كائنا متفائلا .. قويا .. مستعدا لمواصلة المسيرة .. سواء أكان الغجري أم البياتي . على اثر هذه القراءة التي منحت الغجري ثقة في النفس وعززت من بقايا القوة التي في داخله .. صاح الغجري :-

صاح اقتربي : فانني رأيت’ عينيك بأسفار ِ

النجوم – الريح ،

’جدادي على بوابة الشمس

وفي المدافن السرية – كانوا يرسمون َ

وجهك الغارق َ بالنور ِ ،

وكانوا ، كلما عاد الربيع احتفلوا بعودة الروح

إلى الطبيعة الميتة .

( المرجع السابق ، ص 349 )

*********************

أليست هذه مفاجأة ؟؟ . هنا اكتشاف مثير . لم تكن هذه القارئة ، على أثر ذلك الصياح الذي أطلقه الغجري ، قارئة تمارس الخداع والمكر .. بل هي إحدى أسلافه . ربما تكون هذه القارئة هي عشتار أو واحدة من ربات الغجري .. وقد شقت حجب الغيب وترآت له الآن لكي تنقذه وتأخذ بيده إلى حيث المدن الجميلة التي في ما وراء النهر . وعلى أثر هذا الظهور العجائبي لهذه الربة ، سوف يكون هناك انقلاب وتغيير في حياة هذه الغجري البائس . لنرى صور ذلك التغيير :-

الأشباح غابت ْ واختفى المقهى

وكان الغجري راكعا يبكي ،

وكانت يده في يدها

( المرجع السباق ، ص 349 )

****************

لقد انجلى كل شيئ واستيقظ الغجري من سباته الهلوسي . ووجد في هذه القارئة .. الأم .. رفيقة الدرب .. المشاطرة لهمومه .. وراح يبكي . البكاء هنا . . . رمز من رموز العودة إلى صحوة الذات . فكانت يده في يدها . هذه الصورة تذكرنا ببطلة قصيدة نزار قباني ( أيظن ) التي تركت ، من حيث لا تدري ، يدها لتنام كعصفور بين يدي ذلك الذي قررت بأن لا تعود إليه . كررت القارئة نفس الطالع :

قارئة الكف ، له قالت : هناك مدن رائعة أخرى

وراء النهر ، فأرحل ْ

َفهنا ، الخطوط في كفك ، لا تقول شيئا .

طفقت تبكي ،

وكان الغجري راكعا يبكي على مكعبات النور ِ

( المرجع السابق، 350 )

لو عقدنا مقارنة بين بنية هذه الصورة التي يقدمها لنا البياتي وبين بنية الصورة التي يقدمها لنا نزار في قصيدته ( قارئة الفنجان ) فسنجد تقاربا كبيرا بين الصورتين . اترك تفاصيل هذه المقارنة للمهتمين في قضايا النقد الأسلوبي . ما يهمني هنا ، هو سايكولوجية القارئ والمقروء له . نفس الأبعاد في الصورتين . عند البياتي القارئة طفقت تبكي . عند نزار ، الخوف في عينيها . وكلتا النتيجتين تدلان على غرائبية طالع المقروء له . عند البياتي لم تجد القارئة غير خطوط لا تقول شيئا . وهذا يعني أن الطالع مبهم وغريب . وعلينا ان لا ننسى أنها قالت له بأن ثمة مدن جميلة تنتظره في ما وراء . عند نزار النتيجة عينها ففنجان ذلك الفتى الذي لم تقرأ فنجانا مثل فنجانه . وفي رحلة الفتى ريح وإعصار ومطر وسوف تكون حياته كلها كتاب دموع . نفس البنية في الصورتين . لنكمل ما الذي حصل للغجري بعد ذلك :-

في قصيدة المستقبل – النبوءة – الرحيل

صاح استيقظي أيتها الأعمدة – الأقواس

في وحول هذا الشارع المحاصر ، المسكون بالأشباح

كانت يده في يدها ، صماء لا تقول شيئا

نهضت قارئة الكف ودارت دورتين ،

تحاول اللحاق بالليل الذي كان على مشارف " الحمراء "

مقتولا تغطي صدره الزنابق – الخناجر- النجوم

( المرجع السابق ، 350 )

**********************

النهاية مأساوية . الغجري وقع في سبات . يده صماء لا تقول شيئا وهي دارت دورتين لكي تودعه الوداع الأخير وهامت بالرحيل للحاق بالليل الذي لا فجر له و لا شمس تضيء ديجوره المخيف ......

الهوامش : -

1- د . سليم ، شاكر مصطفى ، 1981 ، قاموس الأنثروبولوجيا ، جامعة الكويت ، ط1 .

2- بهنام ، شوقي يوسف ، نزار قباني ورحلة الضباب والحلم : قراءة نفسية لقصيدة " قارئة الفنجان " موقع الندوة العربية للشعر ، تحرير : سيد جودة .

3- جاسم ، عزيز السيد ، 1990 ، الالتزام والتصوف قي شعر عبد الوهاب البياتي ، دار الشؤون الثقافية العامة ، وزارة الثقافة و الأعلام ، بغداد ، العراق ، ص 163 وصفحات الكتاب كلها تحاول إبراز هذا العشق العميق لنموذج الثورة عند البياتي .

4- تحدث الناقد عزيز السيد جاسم بصورة مسهبة في كتابه السالف الذكر ، عن الجانب الصوفي في شعر البياتي ولم يشر بشكل مباشر إلى التناقض العميق بين صورة البياتي ثوريا وصوفيا في وقت واحد . . انظر كتابه ، ص 225 وما يليها .

5- كورت ، هانس ، 1997 ، قاموس تفسير الأحلام ، دار الفاضل ، دمشق ، سورية ، ص 309 .

6- كورت ، نفس المصدر السابق ، ص 326 .

e-mail:-shawqiyusif@yahoo.com

e-mail:-shawqiyusif@hotmail.com

No comments:

Post a Comment